( التحَدِي والطُموحُ واليأس )
تركيبةُ الإنسان منذُ أن خلقَه الله تختلِفُ من شخصٍ إلى آخر وهذهِ هي مشيئَتُه فيما خلَق وما عَدا تركيبةُ الخَلق جعلَ بَشرَتِنا مُتعدِدةُ الألوان منا الأشقرُ والأسمر والحِنطاوي ، وقاماتُنا بطولٍ مُختلِف فهناكَ الطويلُ والقصير ومتوسطُ الطول ، بل حتى درجةُ الذكاء مُتَفاوِتةٌ بينَ شخصٍ واخر . وخلالِ مارأينا في بعضُ مقاطعُ الفيديو على اليوتيوب وغيرها أو ما سَمِعنا او قرأنا العديدُ من الكُتب عن أشخاصٍ مُعوَّقِين سواءٌ كانَ سبَبُ إعاقتِهم منذ الولادة أو بعدها على أثَرِ إصابتَهم بحوادثٍ متعدِدةٌ أسبابُها ، ولكنَّ هذهِ الإعاقة كانت لهم نقطةُ إنطلاقٍ للشُهرَةِ والنجومية وأصبحوا معروفينَ على مستوى عالمي ، فكانت تلكَ الإعاقةُ نقطةُ تحدي في نُفوسِهم ضِدَّ كُلُّ تَنَمُرٍ حصل عليهم في يومٍ ما من قبَلِ الناس والان هم سَبقوا المُتنمِرين وإشْتهروا وأصبحَتْ شُهرتَهم مضرباً للأمثال لإجلِ الإقتداءِ بهم ، ومن تنمرَ عليهم سابقاً لم يستطيعَ الوصولُ إلى ما وصلوا إليه بمعنى آخر أصبحَ المُتَنمِرين بمكانةٍ إذا حَضروا لايُعَدو وإذا غابوا لايُفتَّقدوا . ولكن هذهِ الشخصيات المُعاقة ما لديهِم من ذكاءٍ وخِبرة هو بتوفيقٍ من الله إخْتَصهم بصفاتٍ مُعينة جَعلتهم يشتهرونَ أي إنَّ الله أخذَ منهُم شيئاً وعوَّضَهم بأحسنٍ منه ، وهذه ميزاتُ الله في عَدله مع خَلْقِه . ؤأختَصِرُ في هذا المقال أذكُرُ شخصيَتينِ من بينِ هؤلاءِ المعوَّقين أحدَهُم الكاتبُ والأديب { طه حسين } الذي ولِد في ١٤ تشرين الثاني ١٨٨٩ محافظةُ المنيا إحدى قُرى صَعِيدُ جمهورية مصر العربية ، بعد أن أُصيب بالعمى وهو في الثالثةُ من عُمرِه وقصةُ حياته طويلة لكن لغرضِ الإشارةُ إلى شخصيتُه اذكُر بعضٌ سيرتِه ، حيثُ حصل على شهادةِ الدكتوراه لمرتين وشِغِل منصب رئيس لأحد الأكاديمياتُ في مصر وتم تعيينُه وزيراً للتربية في عام ١٩٥٠ ولديهِ عدةُ كتب ومؤلفات والقصدُ إنَّهُ كان لايُبصر لكن غيرهُ من المُبصِرين لم يستطيعوا الوصولَ إلى نسبة ١ % لما وصلَ إليه . والمثالُ الآخر في عصرنا الحالي هو الشاب القطري { غانم المفتاح } الذي يبلغُ من العمر ١٧ عاماً والذي لَمِعُ مثلُ النجمةٍ على مستوى العالم عندما ظَهرَ أثناءُ حَفلِ افتتاحُ بطولةُ كأس العالم في دولةِ قطر عام ٢٠٢٢ إذ خرجَ مستنداً على يديه في المسير ورغم إعاقتَه لكونهِ بنصفِ جسَد ظهرَ بثقةٍ عالية بالنفسِ ودخل إلى الملعب متبختِراً وكأنهُ يسيرُ على قدميهِ ، والقى أياتٍ من القرآن الكريم بشجاعةٍ أدبية دونَ أي تلكؤ في القراءة وتحدَّثَ اللغة الإنگليزية أيضاً ، كما إنه شَغَل منصَب سفيرُ النوايا الحسنة لدولته وأصدَر العديدُ من الكتب والمنشوراتِ التحفيزيةِ للعمل والنجاحُ وعدم اليأس ، وإستطاعَ تجاوز مرحلةُ إثارة الشفقةِ والعطفِ عليه من قبلِ الآخرين ، وأصبحَ من الموهبينَ في العالم . امثالُ هؤلاء عدوُّهم اليأس رغم إعاقتهم بل أصبحوا مثالاً وأساطيرُ تاريخية . بينما بالمقابِلُ هناكَ بعضُ الأشخاص تَجِدهُم بكاملِ صحتَهِم البدنيةُ والعقلية لكن للأسف صديقهُم الأول المقربُ منهُم هو اليأس والتشائُم من الحياة أو عدم إيجادُ شيءٍ من لاشيء ، بل هناك البعضُ منهُم يَتمارَض لكي لايعمل ويسلُك طريقُ التسوُّل أو السرقة لكي يَجنِي الأموالَ بسرعةٍ بعدَ أن يقومَ بسرقةِ جُهد الآخرين من الأموالُ التي يكنزونها في بيوتهم أو أيُ مكان آخر . إذاً تركيبتَهم الإجتماعية والبيئية التي نشؤوا فيها كانت الدافعُ الرئيسي لهم ليكونوا بهذا الشَكِل . ولو إنَّ كُلُّ إنسانٍ فينا خلال تفكَيره لايضَعُ لليأسِ مكانةً في قاموسِ حياته سنجِدُ أنفسَنا مُبدعين مُفكرين وليَكُن لدينا هدفٌ ما ننوي تحقيقهُ ولِنُدخُلهُ في عُقولِنا وإن لم يتحقَقْ خلالُ الجولةِ الأولى فلن نَنكسِر ونصِرُ على العودةِ إليه من جديد وبتحدي مع تجاوِز الأخطاءُ السابقة التي منعتْنا من تحقيقُه لذلك سيكونُ هناكَ صراعٌ في عقلك بين الهدف واليأس وأنت في الأساس إصرارُكَ وعزيمتُك هما الإنتصارُ رغم كُلِّ المُشكلات النفسيةُ والجسديةُ التي واجهتَها ، لكن في النهايةِ حقَقتَ الهدف وفرحةُ الإنتصارُ به يذهَبُ معها كُلُّ التعب ، بل تشعُر بالولادةِ من جديد لتحقيقِ هدفٍ آخر .
هؤلاءِ هم الطامحينَ الذي لايلتقونَ باليائسينَ نهائياً وليَكُن معلوماً لنا إن الحياةَ عندما نعيشُ فيها ونتجوَّل من مكانٍ إلى آخر ونقرأُ ونتابعُ كُلُّ المُتغيِّرات عن طريقُ الإنترنت نندهِشُ لبعضِ الأشخاص لما يقومونَ به ، لذا على كُلِّ إنسانٍ أن يكونَ طموحاً ، لكن بشرط أن يكونَ طموحُه مشروعاً لا بسلِب حقوقِ الآخرين وأخذُ مكانتهم بطرقٍ غير قانونية ، وليكونَ شِعارُنا لايأسَ مع الحياة ولاحياةَ مع اليأس .
الكاتب . محمد عطيه الذهبان