الأربعاء, مارس 26, 2025
spot_img
الرئيسيةمقالاتمَحطاتُ قِطارُ العُمر

مَحطاتُ قِطارُ العُمر

         ( مَحطاتُ قِطارُ العُمر ) 

حياةُ الإنسان تبدأ بِتاريخِ ولادةٍ وتنتهي بِتاريخِ وفاةْ وهذه التواريخ مُثبِّتاتٌ من قِبَلِ الله سبحانه وتعالى منذُ أن خلقَ الكون والجميعُ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ، لكن مابينَ فترةُ المِيلادِ والمَماتِ خلالُ حياتِنا هناكَ أشياءَ ومواقفٌ نفعَلُها يكونُ للتربية والبيئَةِ التي ننشأُ ونتَرعْرَعُ فيها دورٌ كبير لأن يُصبِحُ كُلُّ شخصٍ فِينا إما إنسانٌ حَسَنٌ أو شِرير ، إننا نعْلَمُ جميعاً إن قِطارُ العُمرِ محطاتهُ مُتنَوعة وعندما يُغادِرُ محطةٍ ما لايعودُ إليها ومكانُ كُلُّ محطةٍ مختلفٌ عن مَثيلاتِها بلْ وحتى مُدةُ التوقُف حسَبُ الظروف قد يكونُ مكانُ المحطةِ ربيعٌ جميل فيهِ الكثيرُ من أنواعِ الورود وينْتَقِلُ إلى محطةٍ أُخرى صحراءُ جَرداءٌ قاحِلة ولكلِ تَوَقُفٍ قِصةٌ وحكايةٍ وذِكرياتْ وعندما يصِلُ القِطارُ للنهاية تنتهي معهُ سِكَّةُ السير . والمقصودُ هنا بالمحطات هي فترةُ مراحِلُ الإنسان التي تبدأُ بمرحِلة الطفولة وتَليها الشبابُ والمُراهَقةُ والرجولةِ والنضُج والكهولة وكُلُّ قارئٍ يعلمُ إن حياتَنا ليست جميلةٌ دائماً بلْ فيها أيامُ حُزنٍ وتعَبٍ ومشقَة وتختلفُ مرارةُ وحلاوةُ حياةِ عيشِ كل إنسان من شخصٍ لأخر وهذا كُلُّهُ بأمرِ الله . قد يمُر الإنسانُ بحياةٍ جميلة نُشبِهُها بأيامِ فصلُ الربيع التي يشعرُ كُلٌّ منا في هذا الفصلِ بالراحةِ والجو الجميل وغالباّ ماتكونُ هذهِ في مرحلةُ الطفولةِ والشباب لأن الهمومَ والمشاكل والمسؤوليات لَمْ تُلقى على عاتِقنا بعد ونَنْتقِلُ إلى أيامُ الرجولةِ التي يبدأُ فيها تحَمُل المسؤوليةُ وتوفيرِ مستلزماتِ العيش والتفكيرُ بالزواج وطريقةُ الإعدادِ إليه وغير ذلك ، وليَكُن في معلومِنا إن الحياةَ ماهيَ إلا قصةٌ صغيرة يجبُ أن نتعلَمُ منها كي نعيشَ سعيدين على الرَغمِ من قسوَتِها . ولاننسى نحنُ العراقيين أُبتُلينا بالحروب مابين فترةٍ واخرى لذلك هذهِ الفترةُ تعتبرُ إنتقالٌ إلى فصلٍ مثلُ لَهيبِ الصيفُ في الصحراء خلال شهرِ أب لأن ما شاهدهُ المشاركُ في تلكَ الحروب من مأسي وويلات يشعرُ بداخِله أنه في أخرُ مرحلةٍ من مراحلِ حياته ، وفعلاً البعضُ كانت لهم كذلك وإنتهتْ حياتَهم بوقتٍ مُبِكر ونجَّى البقيةُ منها . لهذا طريقةُ العيش لَمْ ولَنْ تكونَ على وتيرةٌ واحدة بل متقلِبة ، ولكن بعدَ كُلِ هذا وذاك تَمضي الأيامُ والسِنين دونَ أن نشْعُر إلا أن نصِلَ إلى نهايةُ العُمر وتبدأُ الأمراضُ تفتِكُ بجسدِنا والتجاعيدُ تظْهَرُ على الوجه ونصبِحُ من مُدْمِني العلاج وأصدقاءُ الأطباء إلا أن يأتي اليومُ الذي كُتِبَ على كُلِّ واحدٍ مِنا ألا وهو يومُ المَمات ، هنا ينتهي عملُ الإنسان ويخْتفي جسدهُ ووجودهُ بينَ الناس ويُصبِحُ تحتَ الأرض وروحُه تصعَدُ إلى السماء .
لكن ماذا يبقى ؟
الذي يبقى سيرتُه المُمْتدة مابين حياتهِ ومَماته ماذا قَدَّمْ وكيفَ كانَ يتعاملُ مع الناس وهل أصْلحَ بينهُم وكانَ مِفتاحاً للخيرِ ومِغلاقاً للشَر لذلك تبقى السيرةُ يتداوَلُها من يعرفُه على ألسِنتَهم ويذكرونهُ على ما قَدَّم أثناء حياته وتبقى الذكرى الطيبةُ في النفوس . هناك من كانت سيرتهُ حَسنه ويترحمُ الجميعُ عليه والبعضُ كَتَبَ التاريخُ عنهم وهم قد توفوا منذُ آلاف ومئاتِ السِنين لكنهم مازالوا حاضرينَ بيننا من خلالِ مانقرأُ عنهم أي بمعنى يُفْنى الجسد لكن ماقدموه باقي لم يُفنى . لهذا السبب علينا أن نستغِلَّ فترةُ حياتنا لإجل الخير وخدمَةُ الناس وهي فرصةٌ لإن نكون قدوةً لأجيالنا ليتَّبِعُ نهجُنا سلفُنا بالإضافةِ إلى الحسنات التي تُكتَبُ لنا في صحائِفنا يومَ القيامة والتي ندخلُ بها الجنة التي هي دارُ القرار ، والقصدُ إنك كسبْتَ الجنةَ في الاخرة وهذا هو المهم بالدرجةِ الأولى والتاريخُ الحَسَنُ في الدنيا . بينما المجرمينَ والسفاحين الذينَ إن كانوا أُناسٌ من عامةِ المجتمع أو من تولوا قيادةَ بلادهم وقَضوا على ملايين البشر خلالِ الحروب وإرتكبوا مجازِرَ بحقِ الإنسانُ والإنسانية ولايزالَ العالمُ بأسره ينَدِدُ بتلك المجازِر إلى يومنا هذا لفضاعَتِها بعد مرور سنواتٍ طويلة ، لذلك على كل إبنُ ادم أن يتَّعضُ مما يقرأهُ في كُتب التاريخ أو ما شاهده ُمن خلال التلفزيون وليأخُذ الخيرَ منها ويبتَعدُ عن الشر الذي فيها . لهذا فإنَ لكُلِّ مرحلةٍ حالتُها وإن ما نكتبُه للتذكير لأن الله سبحان وتعالى ذكَر في سورة الأعلى – الآية ٩ ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ) عسى ولعَل أن يتَّعظُ أصحابُ الكراسي من الموظفِ الصغير إلى المسؤولُ الكبير ليكون تعاملهُ مع المراجعين بأسلوبٍ حسِن وأن يُنجِزَ واجباته بكلِ نزاهةٍ وإخلاص لأنها فترةٌ من العُمر وتمضي وعليك إستِثمارها بالعملِ بجدية وهذا ليس بمِنَّةُ منهُ لكن هذا من صُلبِ واجباته . والقطارُ مهما سارَ على السكةِ لفترةٍ طويلة لابُدَ لهُ من الوصول إلى نهايةِ الرِحلة التي تَحَرَّك لأجْلها وهل كانَ قائدُ ناجح وأوصَل القِطارُ إلى النهايةِ بالمحبةِ والعنايةُ بالرُكاب الذينَ من حوله رغم كُلُّ التوقفاتِ التي مرَّ بها خلالُ الرِحلة وإستطاعَ أن يُرضي الأغلبية بحسُن الخُلق الذي إتَّبعه معهم وإن كان غير ذلك فإنه خاسرٌ والخسارةُ لاتُعوَّض بعد إنتهاءُ الوقتُ الأصلي للرِحلة وقد فاتَ قِطارُ عُمرِه لكن تَبْقى سيرةُ السِكةُ التي سارَ عليها .

الكاتب / محمد عطيه الذهبان

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -spot_img

الأكثر شهرة

احدث التعليقات