. من منّا الشيطان… إذا كُنّا جميعاً ملائكة..؟!
هدمَ الإنسانُ المتحرر كثيراً من الآلهة التي كانت تُعبد ( اللاّت والعزى ومناة وهبل وسواع وود ويغوث ويعوق ونسرى…. الخ)
لكنه عجز عن التحرر من صنمية النفس وهواها فكان الشيطان والنفس يُعبدان من دون الله…إذ قال عز من قائل ( أفرأيت من أتخذ الهه هواه…) الجاثية ٢٣ ٠
الشرور يملأنا والنكوص في قيم الذات باتت شراعا نبحر بها في زمن الردى… غابت عنا قيم ماكان لها أن تغيب… وحضرت ألوان واطياف من القيم المادية الهابطة ماكان لها أن تحضر وفقا للنواميس السماوية وعدالة الانسانية ونمط موروث مجتمعاتنا … وكل السابحين وسط هذه الأمواج يظن أنه الأصح والاصلح، وإن الصواب بجانبه، وانه الوحيد الذي يمتطي صهوة الحق واليقين… فالفاسد يدين الفساد والمصلح يدين الفساد، وأولي الأمر يصرخ بالإدانة والقائم على الأمر يدين ويشجب ، والفيس في خطابه بات منبرا للازدواجية وخداع الذات… فمن منا إذن الضال..؟ ٠
قال الله تعالى… ( وإذا قيل لهم لاتفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون ) البقرة ١١، ١٢ ٠
هؤلاء هم في أزدياد من هذه الأمراض وعظم ماطمس بهم الجهل والهوى والتقليد الأعمى وحب الدنيا على بصائرهم فأنتكست قلوبهم ٠
يقولون أهل الاختصاص ان هناك هرمون في الجسم يفرز خلايا على القلب عندما تلهي عن ذكر الله، ثم يتكون غشاء على القلب يسمى ( الران) وهو مصداق لقوله تعالى ( كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون) المطففين ١٤ ٠
أردت أن أقول بعد هذه الديباجة المختصرة اننا في زمن تكالبت فيه بواعث الشر والظلم والتسفيه والتكفير والفساد والازدواجية والرياء… وكلٌّ يدافع عن بضاعته ويموّه عن الأخطاء، ويبرر، ويجتهد ويؤوّل ماكان من الحق وضوحا…
الحكومات.. وفرق الموت… والانسان الجانح والمجتمع الظالم بقيوده واعرافه البالية… كلها تتكأ على مايبرر فعلها وشرورها بما ينسجم مع هواها ومصالحها … وليس فينا من اعتذر حتى يكسب الفضيلة، وليس فينا من أعاد النظر ليوقف الغي ويصحح الاعوجاج….
لماذا الإصرار على الخطأ، والذنب والجنوح والمعصية.. اليس اننا بشر خطائون…؟!
فالتساؤل في درجة من درجاته يمثل انفتاحا مدروسا على الاخرين… (فرأيك على خطأ يحتمل الصواب ورأيي على صواب يحتمل الخطأ…) هكذا هو التفاعل الإنساني بأبهى صوره ومشاهده…. والاّ إذا كنا جميعا ملائكة، فمن منّا الشيطان !!
. بقلم / الصحفي العراقي كاظم العطشان
