الخميس, مايو 15, 2025
spot_img
الرئيسيةشعرالغربة وعيون العراق

الغربة وعيون العراق

الشاعر طارق الكرعاوي

الى كل الغرباء الذين
ســــيعودون إلى الوطن
غيوما محملة بالمطر
و أغنيات الغربة

مقدمة
بقلم الشاعر: عباس الحسيني

ينفرد الأدب الشعبي في العراق بجملة ميزات، منها أن الشاعر والأديب الشعبي لا يولد إلا وهو محمل ومتحد بجملة خصائص بيئية وتراثية، تمثل الهم الأكبر في نتاجات وإسهامات المبدعين من الادباء العراقيين، وإن صنف البعض ملامح وآثار الظهور الشعري ضمن إستقراءات أكاديمية ونقدية اجتهادية، لا تخلو من الحيف والمغالطة غير المحسوبين أحيانا ، ومنها الترتيب الذي يجعل من الشاعر الأسطوري شعبيــا ، كمثال الشاعر الأسطوري الخالد الحاج زاير، حيث تذهب أشعاره إلى تكون منهاجا للسيرة والتوارد الشعبي والمثل الاجتماعي المتداول بين الناس أيضا ، كما قوله :

أرد اسأل أهل البخت والياخذون الفــــال
كل يوم اكو لن بفل حزني ولا هو فــــــال

حيث ضمنها احد شعراء المناخ الثمانيني، وهو الشاعر سعد جاسم كمقدمة و مدخل لأشعاره النثرية المحدثة.
وهناك من يجد ملامح الارتقاء من المحلي إلى العالمي، كما في أشعار المتفرد مظفر النواب ، ففي هذا السياق يأتي المسار البيئي متطامنا مع القضايا الإنسانية الكبرى في ذات الطرح الشعري، كهموم الأرض والحب ونزاع الإنسان، مع وذوبان آليات الأسطورة العاملة في الأداء الشعري، وهو ما نجده في قصائد الشاعر والمحقق طارق صاحب الكرعاوي، الذي يصنف كواحد من أهم خمسة شعراء من المتأثرين بالمدرسة النوابية ، وضمن مدرسة الشاعر الكبير مظفر النواب، حيث الإحساس بالطبيعة والإيمان بقدرة الإنسان على التغيير والتحول وخصوبة المرأة والثورة ، وقوة الإرادة في التفكير والشعور معا ، هذا إلى جانب الإحساس بآلة الزمن الهادرة ، كما في ذهاب الشاعر طارق الكرعاوي :

الدنيه ، يا نورة ، قطارْ . .
وآنـــه و إنـتي إثنين ،
ضيـّــعنه المدارْ .

هذا الاحتدام الشعري هو الشريك الأروع للروح العراقية التي عبرت ضمن محتواها الثقافي البيئي بأجمل وأدق ما يمكن أن يكون عليه التعبير، فالمدارس والجامعات لا تصنع الشعر ، بل تدرسه وتتدبره ، غير أن الذين عاشوا ويعيشون المعترك الحياتي، ابتكروا لقضاياهم فضاءا أرحب وهو فضاء الشعر المتسق مع بلاغية البناء ورهافة الاختيار، ، ورسوخ الهوية ، والى ذلك نجد هذا التوافق المتفرد في أشعار المبدع طارق الكرعاوي ، كما في ابتكاره التالي :

إنطيتك جنح..ضلـّـيت بجناحْ
وامـــس من كرب يومك..كََََتلك اتصيرْ
ولك يللة نبدل أرواح برواحْ
وامــس كََََطـرت عمري إعليك تكطيرْ
أنه اشــــبك بلهفه ، و شـبكََََك إرماحْ
يا صياد متعادي ، أويــــه اليطيرْ

إن اللغة تفرز معان شتى حكمة الطيران بجنح واحد، النزوح إلى تبديل الأرواح، والعناق برماح التي لا تواسي الجسد الإنساني ورؤية قبح النية من كراهية الصياد للحرية المتمثلة بالطير ، هذه المعان وغيرها ، تأت ضمن باقة قصائد وإن مثلت جزءا من رهافة الصنعة ودقة الاشتغال في الهم الشعبي ، إلا أنها تمثل شعرا حقيقيا في زمن التهافت والتقهقر، أشد على يد الشاعر طارق الكرعاوي وأتطلع إلى مزيد من هذا الإرث اللاهف والمتجدد على خارطة الشعر الشعبي العراقي الصميمي ، كقوة وثبات عاطفة الروح العراقية .

المادة السابقة
المقالة القادمة
مقالات ذات صلة

ياظالمي

المستحيل

الصخر

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -spot_img

الأكثر شهرة

احدث التعليقات