السبت, مارس 15, 2025
spot_img
الرئيسيةشعرالشاعر محسن الخياط خيال طلق ومتجدد

الشاعر محسن الخياط خيال طلق ومتجدد

بقلم الشاعر كريم الجسار
الشاعر محسن الخياط خيال طلق ومتجدد
كما تحتضن مدينة السماوه يوميا حفنات من رمال الباديه وتغتسل عصرا بالفرات كذلك تحتضن العيون
حبات الرمال وتكتحل عصرا بسحر العيون العابر بالسوك المسكوف
من بعيد وبالقليل الباقي من نعمة البصر لمحته وهو مدبر فانا اميزه بدالاتي عليه وهو ان يضع يده اليسرى
في جيبه والاخرى تحمل السيكاره تتبعه سحب من الدخان نعم انه محسن الخياط
سارعت حتى امسكت به فهو ليس من السهل اللحاق به رغم تزاحم الناس والباعه
لن يفاجاء لعلمه المسبق بوجودي احتضنته بشوق اكثر من خمس عشر من السنين الطوال
اعطاني سيكاره قلت انه رمضان قال ضاحكا انه السوك المسكوف ومن ذا يلاحظ وكما ترى
العشرات تتابع العشرات
تفحصت وجهه وما تركت عليه السنين وشعره الاشيب ووضوح التجاعيد الباديه على جانبي
الوجه مع ما تبقى من اسنانه الاماميه لكنه لازال منتصب بعوده الفارع النحيف
ولد الشاعر محسن الخياط بداية اربعينيات القرن المنصرم نشاء في مدينة السماوه تلك التي يتحدث
اهلها بلهجه تجمع بين الريف والباديه والمدينه لموقعها القريب من الباديه المحاذيه للعربيه
السعوديه ولكثرة العشائر والقرى المحيطه بها
في بيت قريب من شاطئ الفرات حيث كان يعيش الخياط كان يسمع تنادي الصيادين فيما بينهم
بمفردات لايفهمها الكثيرون كما كان يسمع جارته الناعيه وهي تدير رحاها
ما تنسمع رحاي بس يمنتي اتدير
اطحن بكايه الروح موش اطحن شعير
تاثر بمخالطة البدو القادمين من الباديه يحدون عيسهم الغاضبه من مشاكسات صغار المدينه
يحفظ من ركبانياتهم وكيف ان الحدي يختلف عندما يكونوا راحلين عما اذا كانوا عائدين
يعرف تسميات الابل حسب الوانها كما يعرف كيفية التعامل معها وقليل من الشعر النبطي
اختلط بابناء الريف الوافدين الى السماوه لبيع او شراء المواشي والذين يحتلون ركن من
المقهى الذي يرتاده الخياط يوميا يجالسهم يحضر نزاعاتهم ومفردات الشتائم التي يتقاذفونها
فيما بينهم
من هذا وذاك اختزن الخياط في ذاكرته الكثير من الجمل والاهازيج والامثال والمفردات الريفيه
والتسميات القديمه والغريبه لبعض الخيول والاسلحه والازياء وما يميزها
كل ذلك ظهر على كتاباته فيما بعد فنادرا ما تخلو قصيده من قصائده من جمله او مفرده عما تعنيه
لغرابتها او قلة تداولها
ولعل اكبر مساحه وجد فيها الخياط السعه الكافيه لتحوي اكثر قدر ممكن من هذه الجمل والمفردات
هي قصيدة (العشائر) وليس نخوة عشائر كما يرد في تسميتها فهناك قصيده بهذا الاسم لشاعر اخر
قصيدة العشائر تلك اللوحه التي ابدعها بدقة الضليع العارف والمتمرس لمدينة السماوه ويمكن
لمن لم يسبق له رؤية السماوه ان يراها من خلال قصيدة الخياط بشوارعها وازقتها وقصورها
واكواخها والقرى القريبه منهاوبساتينها ومزارعها المتراميه على جانبي الفرات
وضع فيها اسماء جميع العشائر والاماكن المحيطه بها الى جانب اسماء بعصض الشخصيات
المعروفه فيها
عندما بداء الخياط بقصيدة العشائر روى لنا حكايه علمنا فيما بعد انها من نسج خياله اراد بها
ان يعرف مدى تقبلنا لها خصوصا وهي من وزن التجليبه الذى لم يسبق للخياط تجربة بهذا
الوزن الا للتندر والممازحه عن مقطع او مقطعين
بدائها بمقطعين وتكاثرت مقاطعها يوم بعد اخر ونحن نتابع ما وصل اليه يوميا الى ان اصبحت
بما هي عليه الان كاطول تجليبه ربما في تاريخ الشعر الشعبي العراقي
ولمن يرى ان هذا تبجحا او مبالغ فيه فليذكر لي تجليبه بحجمها على ان تكون مثل العشائر ممتلئه
شعر لا ان تقاس على عدد المقاطع او الوزن والقافيه فالمسفون كثيرون
مما يجب الاشاره اليه هو ان الخياط اتم هذه القصيده وبهذا الحجم الغير طبيعي وهو لم يكتب
منها حتى حرف واحد ولم يستعمل ورقه ولا قلم فقد بناها على لون المدور وهو ان يبدا المقطع
بالكلمه التي ينتهي بها المقطع الذي سبق مما يسهل حفظها ويحمي تسلسلها
روحي اتواخذت يالماتحن اله
مثل عودة زرع راجبهه منجله
ركبه المنجل ولازوم لاويهه
والف عونة حصاد اتهوس اعليهه
تقولب مال حاضر صبخه حريهه
وغده ايضيع الفرس ريحان عاذله
عاذله تنيح والزم السكان
الى اخر القصيده
ولو تفحصت هذه الاسطر القليله ترى في كل سطر مفرده غريبه او مما لايخطر ببال احد
لازوم عونه تقولب مال حاضر والتي تعني فورا غده والتي تعني اصبح
تنيح والتي تعني ابتعد وتظم هذه القصيده الكثير الكثير مما اشرت اليه
ارد انذر نذر مرياع بيه دراغ
لليندل العله وعكدتي ايفله
والمرياع هو الخروف المدلل والذي لا يجز عنه الصوف يعلق في رقبته دراغ ليميزه
وفي مقطع اخر
شتسوي الغزاله التوهه تبوي تجيب
والجيله تجيهه بحد مفاصله
وكلمة تبوي تعني تريد او تبي كما هو متداول في اللهجه البدويه
وفيها ايضا
غطت والفرس تتمحلج وتصهل
او اكرم بالعزيزه بغير جيل وروز
او انكز مثل نكزة حرمل الدرويش
والقصيده باكملها امثله
وللخياط ما يميز ابداعاته من الدقه والبراعه في رسم المشهد الشعري ووضع الجمله
الشعريه في مكانها الملائم مما يشد الانتباه من نسيج متماسك وموضوع مسترسل ينم
عن خبره طويلهتمتد الى ما يقارب النصف قرن خاض خلالها غورا عميقا في هذا الفن الرائع
تكول كلي ما كلتلي شرد اكلك
قابل المصيوب يتمعنه بكلامه
قابل الغركان يحسب روج يتعده على هامه
وفي اخرى يقول
تبعد وانه اكولن جاي
ياللي حجايتك كبان البريسم دحطني براي
لو بيك الفرح ما جاي
ما صار الكصب لجروحه زماره ولا دك ناي
واخرى
كعدت وحطت كتبهه على رجليهه بامان
مثل حط الكنطره الفضه على ساجيتين ناغن هرطمان
او قوله
الدف بطرك جلده ويدك للناي
او ندفع والكعد مربوط
وعندما كنت استمع منه بين الحين والاخر بعض قصائده القديمه منذ وسط الخمسينيات او
بداية الستينياتلم الاحظ ما يمكن تخيه في كل ما كتب على مدى العقود الماضيه
ومن قصائده القديمه
يالحاشتك ايد الزمان وحاشت هموم
يالتيهتني بجول هجرك تيهة الشوم
بيزاري حجيك ما يكد يومين ويدوم
نفاش حبك وبكصب عشرتك ملموم
بس انكسر عود الكصب شاله الهوه بزوم
كص ضلعي من تمرك علي واكسرني لا اكوم
غيرك وجع ساعه سهل وانت وجع دوم
هذا انه ملاح الجرف ذبه هوه الليل
تيه ومشحوفه شله بالحرى ياويل
وشراعه مدري بيا كتر عت ما خذه السيل
يالحبة الحلوه بهواك وريحة الهيل
يالعودك امكصمل وتازه وبرم مبروم
غيرك وجع ساعه سهل وانت وجع دوم
تلاحظ المفردات بيزاري تمرك امكصمل
ومن قديمه ايضا
قصيدة عشك المضيعين
ملح روحي وشربهه الليل والمامش شرب طيفه
ومشيت وكلبي وصله هنا وصله بحد سواليفه
وكفت انكر الاوي الماي لاوني مجاذيفه
العمر جربة نخل وبشوج واكف وبطرك ليفه
وتلمست العدو من السيف جيه بي انكسر سيفه
يريد ايضوكني الزنجار حسباله الذهب زيفه
البرد مو عار بجويريد عار اليجمد بصيفه
وللخياط قصائد عديده لا يتعدى حجمها حجم المقطع البسيط تكون بحجم الفكره المراد طرحها
فهو لا يطيل لمجرد الاطاله فكل ما يزيد عن حجم الفكره يعتبر اسفاف لا فائده منه
هذا ما قاله لي مرات عديده
ومن تلك القصائد نار المله
يا باجي نار المله جرحين الك يجوني
بالحيره كمت اتسله والجاره راحت مني
لو اكله لو ما اكله واثنينهن يا ذني
والثانيه عود
جان بسنين التعدت عندي عود
بس جنت ما عرف ادك
وعلى مر الوكت علمني زماني
اتفكديت العود ما هو بيش ادك
واخرى باب وحده
بيت عن روحي غريب وبيت شايلي موده
وحيرة البيتين هنه ابباب وحده
شلون ادكهه كون مايدري الغريب
ويفرح البيت الاوده
وفي بداية الثمانينيات وتحديدا مع بدا الحرب مع ايران استقال الخياط من وضيفته في تربية
السماوه تخلصا من ملا حقات الجيش الشعبي وممن حاولوا زجه في المهرجانات التي تمجد
الانتصارات المزعومه اصبح قليل الظهور امام اعينهم واقتصرت لقاءاته على مجموعه
قليله من الاصدقاء
فاشيعت عنه اشاعه كان مصدرها ملا حقوه على ان الخياط نضب معينه او بمعنى اقرب
انتهى كشاعر واصبحت تترددهذه الاشاعه وقد سمعتها مرات عديده ومع علمي الاكيد بعدم
صحتها الا اني اخبرت الخياط بما يقال فاجابني ضاحكا وغير ابه
شني هوه الشاعر جود ماي ويفرغ
وبعد ايام فاجانا بقصيدته الرائعه ( مغزل ذهب )
علي كالو بعد ما يكتب هواي وانه شما اطيح اشبن واوكف وكوف
جذب لليل ادنك والصبح جاي والمزوك المشاير سنبله زلوف
صدح طير الجبال بطور معناي واخذ مني الغنه بالهور مشحوف
وطرب شرجي السماوه النغمة اصباي وعشك تالي العمر والبعده ملهوف
يضوك اليطي خده الشفة غناي حلاوة طيبتي وولايتي اتشوف
صبغ وجهه الغلبني وحصل بهاي نزع صبره وتمكمش ذلته بخوف
صبغ جلمه ايعرفهه ايريد شراي مثل راعي الهرافي اليصبغ الصوف
انه وشعري وحبيبي بهاي دنياي يجن مغزل ذهب وابريسم واوف
انه الشوك الترضعه حجايتي وياي مثل شوك الغزاله الترضع خشوف
يريدوني نخل ما يكسر افياي يريدوني فرح وايكابح دفوف
وانه بياهي اصير اركص لبلواي واضل سندان صيني الورد الحروف
انه بهيمه وكلت ما ابيع ممشاي على امباوس جذب وامصافح جفوف
كشت بير الغميج وغرفن ادلاي واهب الكل ضوه وراكي عالجتوف
مهي الشالت عنكهه بجيحة الماي اذا ينشف تلمه وتزحف زحوف
واذا صوت الغراب ايعير الناي بعد حكه الكصب من يثلم سيوف
كان الخياط بهذه القصيده يشير من قريب او من بعيدالى شاعر كانت له يد في اثارة
الاشاعه المشار اليها فادعى ذلك الشاعر بان المقطع القائل
كشت بير الغميج وغرفن ادلاي واهب الكل ضوه وراكي عالجتوف
مسروق من قصيد له يقول فيها
فجت ببحور الشعر والقافيات وكمت اداعبهن على وحي الخيال
ناشدت وين القوافي العاصيات اجن سجدن واعلنن للامتثال
واتذكر تماما ماحدث ذلك اليوم حين اجابه الخياط مستهزءا اذا تتهمني سارق
فانا سارق من سارق فانت سرقت ما تدعي انه لك من المتنبي العظيم
انام ملئ جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم
فلماذا تمنع عن غيرك ما تبيحه لنفسك
وبعد اقل من اسبوع ظهرت قصيدة الخياط واضحة المعالم وقد خص بها الشاعر المذكور
خيال الصبح
يلوح خيال الصبح يا ريته لاح ويحكم الحادي على خيله ونوكه
يا كحيله يشوف سبكت بالرواح ويا كحيله العاودت مسبوكه
انه شوك اليتعب وما يستراح شمعه ضلت للصبح معلوكه
وشوكي لو يمطر على البر والفاح ينبع ابين النخل وعروكه
الزهدي والبرحي خذن نفس اللكاح لكن اشكد الفرق بعثوكه
لا تنوج للغزال بلا سلاح ولا تغير بكاع ما مسحوكه
ولا تنود ويه الغنه وغناك راح والربابه الهزتك مخنوكه
النار هزت بالجدر والفوك فاح وروحي كامتلك واهي محروكه
طيني اشكر وانت طينك بيه ملاح وخل نشوف بياحديقه البوكه
فترة الثمانينيات حيث اشيعت حوله الاشاعه المار ذكرها فقد كانت وكانها حافزا
لكي يبدع فقد كتب اروع قصائده في تلك الفتره ومنها قصيدته
طعم الحابسي
يبو طول الترندج خيط شاهول يبو الوان القزح بتلاة مطره
يطعمك فص قند والروح قندول يطعم الحابسي ونبهار بصره
يمنكد ما حلو من الكاع مشيول تمرجح بالهوه على ارداف مهره
تعط وريحتك لو عطت تحول عذب واتمطك الميتين وامره
يطور محمداوي ايناغي ماصول نزر وامدكدك وملكوط ببره
يشجره انفردت بحر صيف وبجول حنين ومكسرك لابد تكسره
يهودج والتمرجح بي المنسول مثل غرنوك حط بكاع خضره
على اوصافك توالم عيد ودخول وعلى محبتك يطول الشوك عمره
لشكن ريتي من الطول للطول وادك راسي عليك بحكه صفره
وعندما سالته لماذا حكه صفره اجابني ( هم فشخه وهم بحديده مزنجره )
وله في سراق القصائد قصيده يوءسفني اني لا احفظ منها الا القليل
اوف يا شرجي السماوه المايضيع عليك شاعر
واوف يا غربيهه ذاك اليعرف الزار المحطه وما يسافر
يارخص سن الذهب وانباك من حلك الجنازه ولا هو صاير
والله لو تدري القصايد بالشعر ينباك باجر
جان لطمت لطم العماره وتكلك ياهو شاعر

المادة السابقة
المقالة القادمة
مقالات ذات صلة

حضن الأم

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -spot_img

الأكثر شهرة

احدث التعليقات