الجالية الفلسطينية في أريزونا..
مقال بقلم د. محمد رياض
تعد الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة من أقدم وأعرق الجاليات العربية في المهجر عموماً وأكثرها تعلماً ورفاهية من الناحية المادية.
كذلك فإن لها تأثيرها وحضورها السياسي على الساحة الأمريكية الذي لا يستهان به، حيث أنها مثلت حديثاً بعضوين في الكونجرس الأمريكي وهما السيدة رشيدة طليب من الحزب الديمقراطي والسيد جستن عماش عن الحزب الجمهوري، بالاضافة للعشرات من أعضاء المجالس النيابية المحلية للولايات ومجالس البلديات في كثير من الولايات.
وفي ولايتنا أريزونا يتواجد الالاف من الفلسطينين، وبعضهم يقيم في الولاية منذ أكثر من نصف قرن، حيث تجد بينهم المهنيين وأصحاب الحرف وأصحاب الاعمال الحرة والتجّار واساتذة الجامعات.
الا أن الملاحظ، أن هذا العدد الكبير والحضور القوي على الساحة الاقتصادية غير ممثل بشكل مؤسساتي جيد ويحتاج الى كثير من البناء والتطوير ليعكس حجم وقوة الجالية بشكل مناسب.
فلا يوجد غير بناء لمركز فلسطيني واحد يقع على تقاطع سنترال وهاتشر ( central & Hatcher) في مدينة فينكس يتبع لجمعية مركز الجالية الفلسطينية الأمريكية في أريزونا PACC
والذي يتشرف كاتب هذه السطور بكونه أحد مؤسسيه وأعضاء ادارته.
وهذا البناء مع كونه يشكل إنجازاً تاريخياً بحد ذاته، كونه الاول والاوحد من نوعه حتى الآن، الا أنه بقاعته الصغيرة التي لا تتسع لاكثر من 180 -200 شخص، يبقى مركزاً متواضعاً لا يعبر عن حجم الجالية العددي والإقتصادي في الولاية، خاصة أن هناك جاليات شقيقة أخرى سودانية وعراقية وصومالية، وهي حديثة نسبياً في وجودها في الولاية، وربما تكون متواضعة في امكانياتها المادية، الا أنها إستطاعت انشاء عدة مراكز لكل منها تفوق المركز الفلسطيني في الحجم والسعة والامكانيات.
فأنت لست بحاجة إلى قدر كبير من الذكاء لتعرف أهمية وجود مركز فعلي يجتمع فيه ابناء الجالية في مناسباتهم، ويتم دعوة المسؤولين الحكوميين والاعلاميين الامريكان اليه بإسم الجالية، فهذه بديهيات يعرفها كل عاقل، فلماذا لا تلتف الجالية كلها حول هذا المشروع اذاً؟
أعتقد أن هناك عدة أسباب تحول دون ذلك ونستطيع أن نلخصها في التالي:
1. البعد الجغرافي، حيث أن مدينة فينكس وما حولها من مدن تشمل مناطق شاسعة الاطراف، وحيث ان الجالية الفلسطينية لا تعيش أو تتمركز في مكان جغرافي واحد، فقد يجد بعض من يعيش على الاطراف أن المركز في وسط فينكس بعيد عن مكان سكنه وبالتالي لن يستفيد منه! والإجابة على ذلك، أن هذه هي البداية فقط، وعليك بدعم هذا المشروع حتى يكبر ويشتد عوده ويتم افتتاح عدة فروع له لتغطي جميع الانحاء وتكون قريبة من الجميع، فكل مولود يبدأ صغيراً ثم يكبر تدريجياً وهذه سنة الحياة وطبيعة الأمور.
2. قد يعترض البعض على الإدارة، حيث قد لا يعجبه وجود هذا أو ذاك فيها، والإجابة أن المركز مؤسسة ديمقراطية تديرها ادارة تنتخب كل سنتين، وبالتالي عليك بالمشاركة الفاعلة فيه والتي تستطيع من خلالها تغير وتبديل الادارة اذا كانت لا تعجبك، فلا إشكال في ذلك مادام يسير بصورة قانونية صحيحة.
3. قد لا يثق البعض في الأمانة المالية للادارة، والإجابة، أن جمعية المركز الفلسطيني هي جمعية مسجلة حكومياً على أنها مؤسسة غير هادفة للربح ومعفاه ضريبياً، ومصنفة على أنها 501C3 من قبل ال IRS وهذا النوع من الجمعيات يخضع لمراقبة دائرة الضريبة ال IRS ووزارة العدل ال Department of Justice ويقدم ملفات ضريبية ومالية سنوية تخضع لتدقيقهما. وهو أيضاً مؤسسة ديمقراطية يحكمها دستور يحق فيه لأي عضو أن يطلب تقريراً مالياً تفصيلياً من الادارة في أي وقت شاء وأحب.
إلا أنني شخصياً أرى أن سبب تردد البعض يعود لتاريخ العمل الفلسطيني العام في الولايات المتحدة كلها وما رافقه من سلبيات وتحزبات وانقسامات في السابق، الخ.
لكن كما ذكرنا أعلاه، فإن معظم هذه التجارب السابقة والتي لا تزال تشغل حيزاً في الذاكرة، كانت تحدث بسبب غياب الشفافية والديمقراطية وعدم وجود انتخابات
ورقابة حكومية، أما مركزنا والحمد الله فقد سد كل هذه الثغرات كونه مؤسسة ديمقراطية خيرية معترف بها حكومياً وتديرها هيئة منتخبة بصورة مباشرة تتغير كل سنتين.
وفي الختام أود أن أقدم تحية خاصة لأخواننا أهل دير ديوان الأبرار ولغيرهم من ابناء فلسطين الأحرار الذين التفوا حول مشروع المركز ودعموه مالياً وشخصياً ومعنوياً، حيث أن الإنتصارات يصنعها دائماً الأبطال ثم ينعم بنتائجها الجمهور بشكل عام.
وأرفق هذه الصورة الرائعة من حفل زفاف كريمة السيد رئيس المركز الفلسطيني الأخ كامل شيحة وأخ السيد محمد حازم أمين مالية المركز، والتي تعكس تألق وجود وحجم جاليتنا الرائعة في هذه الولاية
